Friday, November 16, 2007

تفكير ايجابي


لا أتوقع أن أحدا يستطيع التغلب علي في مسألة التفكير الايجابي, أو كما يطلق عليه في شاشات التلفاز و الندوات و المحاضرات بمصطلح "بوزيتف ثنكنج", مع العلم بان تلك المحاضرات لم تكن لتنجح لولا وجبات الغذاء الفاخرة التي تتخللها.
بدأ مشواري مع "البوزتف ثنكنج" منذ ايام الطفولة, و بالرغم من انه كان "بوزتف ثنكنج" من نوع آخر يقترب في مفهومه من الاهمال, الا انه في النهاية نوع من انواعه, ذلك اني كنت و ما زلت اصغر افراد العائلة, أو الابن المدلل بفهم آخر, و نتيجة لذلك لم اكن اهتم بالاشياء التي افقدها او أخربها. و مثال ذلك اني لم احافظ على دراجتي الهوائية الاولي اقتناعا مني بان والدي سيحضر لي واحدة اخرى اجمل و اكبر من سابقتها, و كذلك الامر بالنسبة الى "طابات الأديداس و الأوفيشال, و مضارب التنس و الكرة الطائرة, و الأحذية الرياضية التي لها قصة طويلة, فقد كنت اعطل فرامل كل دراجاتي الهوائية حال استلامي لها, و أفرمل بواسطة احدي رجلي او كلتيهما, مما دفع والدتي الى الشكوى لابي الذي اجابها بان تلك ليست مشكلة و يضيف قائلا: " بدي أعمله بوت حديد عشان ما يهريه هالافكح" أو " بكرة لما يصير يدفع حقهم من جيبته بصير يدير باله عليهم"
تجلت لدي فكرة "البوزتف ثنكنج" في امتحانات الثانوية العامة, و خصوصا في امتحان الفيزياء, ففي قاعة الامتحان لم أجد ما يشغلني اكثر من التفكير بحال رسوبي اذا ما حدث فانني سارتاح من المدرسة و الحصص, و سافتح كراجا و سأدخن على راحتي دون أن تقوم ادارة المدرسة بانذاري أو استداعاء ولي امري, الذي لم يكن ليذهب اصلا بسبب انشغاله و سفره الدائم, اما امي فقد كانت تعلم بامر تدخيني و لم تكن لتخبر ابي خوفا من ان يقوم "بقص رقبتي" أو "سلخ فروة رأسي" و كنت افكر بطريقة "البوزتف ثنكنج" فيما يتعلق بتلك المشكلة, فاذا ما قرر والدي ان يضربني ساهرب و لن يلحق بي, ثم سيسافر مرة اخرى و سينسى قبل ان يعود ثانية.
في نفس الوقت كنت طالبا مجدا في المدرسة, لا اقول بانني كنت الأول في صفي, و لكني كنت من الأوائل, و كان لدي قدرة استيعابية كبيرة و خط جميل و كنت اهتم حقا في "دفتر التعبير" حيث لم تكن حصة التعبير حصة عادية بالنسبة لي, بل كانت فرصة لاظفر بحب اساتذة اللغة العربية و كسب بعض السجائر من بعض الطلاب الذين كنت اكتب لهم مواضيع التعبير قبل نهاية الحصة, برغم علم المدرس الذي كان "يغطرش على الموضوع" في الكثير من الاحيان لحبه الشديد لما اكتب, و في احيان اخرى كان يسمح لي باعطائهم الافكار و يمنعني من كتابتها لهم, و في ذلك يتجلى مفهوم "البوزتف ثنكنج"في ارقى صوره
كانت و لم تزل الحلويات هي الغذاء الروحي و الاساسي لتفكيري الايجابي و الذي اعتبره حالة نادرة, و مثال ذلك انني تناولت اكثر من "طبقين هريسة" بعد رجوعي الى المنزل من امتحان الفيزياء, و الامثلة المشابهة كثيرة, فلا استطيع السيطرة على نفسي بشكل عام و اسناني بشكل خاص عند ممارسة طقوس "البوزتف ثنكنج"
في هذا اليوم كنت بحاجة الى :البوزتف ثنكنج" فقد رسبت في امتحان القيادة للمرة الثانية, قد تختلف المعادلة الآن باختلاف المكان, فلو انني ما زلت في بلادي لفكرت بان والدي سيستغل نفوذه و سيتصل باحدهم مخاطبا اياه بجملته المعهودة: " لما كنت تلعب بالحارة كان على كتفي خمسين نجمة", و ستحضر رخصة قيادتي الى باب المنزل, أو الى أقرب "دكانة", اما هنا فلا املك اكثر من المرور باقرب محل تجاري و شراء كميات هائلة من الحلويات و الرجوع الى المنزل سريعا للانقضاض عليها و التهامها.
يبدو انني قد فهمت "البوزتف ثنكنج" بطريقة خاطئة, قد أكون بحاجة الى حضور بعض الندوات لاتعلم المعنى الحقيقي "للبوزتف ثنكنج" و اتناول طعام الغذاء مع اصحاب التفكير الايجابي الفذ , و محترفي "البوزتف ثنكنج"0