Friday, May 9, 2008

عالسكين يا بطيخ

امسكت سماعة الهاتف لتتصل بأقرب سوبر ماركت, أجابها البائع الشاب بصوت لا تخلو منه نبرة الترحيب: صباح الخير يا سيدتي, كيف بامكاني مساعدتك, تحدثت اليه بلغة عربية تكاد ألا تكون مفهومة: ماما تريد واحد أورانج جوس وواحد بطيخة , ودي لفيلا دكتور حسن, شكرا, باي. أنزلت سماعة الهاتف ثم توجهت الى غرفة النوم لتحضر النقود من ماما. خلال دقائق معدودة قرع الجرس, فتحت الباب لتجد البائع قد أحضر ما أوصته, أعطته ورقة نقدية واحدة و طلبت منه الاحتفاظ بالباقي.

في المساء, حضر الدكتور حسن الى المنزل كعادته, ألقى التحية على زوجته و أطفاله الذين يشاهدون التلفاز, توجه الى غرفته, ألقى بمفاتيح سيارته الحديثة على الطاولة, ووضع هاتفه النقال و نظارته الشمسية في احد الأدراج, خلع بزته الفاخرة و لبس بنطالا قماشيا و قميصا ذو أكمام قصيرة, ثم توجه الى غرفة المعيشة ليجلس على كرسي مائدة الطعام الجاهزة, تناول عشائه, ثم أحضرت له الخادمة ذاتها طبقا من البطيخ الأحمر البارد, تناول قطعة صغيرة و أكل ما يقارب نصفها, أخرج البذور السوداء ووضعها في منفضة كانت امامه, ثم ذهب ليشاهد التلفاز مع اطفاله و زوجته.


في ذات المدينة, و في مكان لا يبعد عدة كيلومترات عن فيلا الدكتور حسن, و بفارق زمني لا يتعدى الربع ساعة, خرج أبو سلامة من احدى الدوائر الحكومية التي يعمل بها بعدما أنهى دوامه, اتجه فورا نحو موقف الباص, وقف قليلا خارج المظلة الممتلئة بموظفي و موظفات دائرته, ألقى عليهم السلام, ثم ادار ظهره ليلمح "عريشة بطيخ" في الشارع المقابل, فكر قليلا, ثم أخرج محفظته القماشية ليعد ما بها من نقود, أعادها الى مكانها في جيبه الخلفي, ثم هز جيوب بنطاله الأمامية ليتاكد من وجود " الفراطات" التي تزيد عن أجرة الباص بقليل.

توجه مسرعا نحو " عريشة البطيخ" مضحيا بدوره في طابور الباص الذي أصبح في وسطه رغم أن الباص لم يأت بعد, قطع الشارع بهرولة خفيفة و هو يعض على شماغه الى أن وصل الى الجهة المقابلة و هو يعاني من احتباس في صدره الذي لا يقوى على الركض, وقف قليلا ليلتقط أنفاسه, هز جيوبه الأمامية لكي لا يدع مجالا للشك في نفسه أنه يحمل " فراطة", ألقى التحية على بائع البطيخ ثم سأله بصوت أجش يؤكد لسامعه أنه أمضى سنوات طويلة في تدخين أرخص أنواع التبغ,: بقديش كيلو البطيخ يا خال؟
- ببريزة يابا, نقي و استحلي, و عالسكين
- أوف يا ابن الحلال, بريزة كثير... عويش؟
- بطيخ زيزيا يابا, أحمر زي الدم, اذا مش حمرة رجعلي اياها
- يا رجل كل البطيخ أحمر.. ليش بي بطيخ اسود؟

تناول أبو سلامة نظارته الطبية من جيب سترته, و بحركة لا ارادية أخذ يمسحها بطرف شماغه المهدب, وضعها و مد يده باتجاه أكوام البطيخ المرمية على الأرض, تفحص أول بطيخة, حملها بيديه ليتأكد من وزنها, ربت بيده عليها, ثم وضعها و تناول أخرى, ربت بيده عليها ثم أمسك عروتها, ثم وضعها و تناول أخرى.

استقر على البطيخة الخامسة, بعدما ربت عليها, و أمسك عروتها, و دحرجها بيديه, و أدارها باتجاه عقارب الساعة , ثم قال للبائع, اذا مش حمرة تراني راجعلك.
عض أبو سلامة مرة أخرى على طرف شماغه و تناول البطيخة بعدما دفع ثمنها و أخذ الباقي, ثم قطع الشارع متوجها نحو موقف الباص ليجد أن الطابور قد كبر دون أن يأتي الباص بعد, وضع البطيخة على الأرض ليرتاح من وزنها, ثم أشعل سيجارة في انتظار الباص الذي جاء بعد أن تلاشى الأمل.

طرق أبو سلامة باب منزله برجله من شدة التعب الذي أرهقه به وزن البطيخة, فتح سلامة الباب و هو على علم يقين أن أباه خلفه, انشرح صدره و هو يتناول البطيخة عن والده, أما الأخ الأصغر, حمدي, فقد صاح بأعلى صوته:" يما...أبوي جابلنا بطيخة"
توجه أبو سلامة نحو غرفته, خلع ملابسه و شماغه و لبس دشداشه الأبيض, ثم توجه نحو حوش المنزل ليجلس على فرشة الصوف التي أعدتها له زوجته, اجتمعت حوله الأسرة كاملة في انتظار طعام العشاء التي ما لبثت أن أحضرته أم سلامة.

بعد العشاء, و قبل أن يغسل أبو سلامه يديه, طلب من زوجته أن تحضر له سكينة حادة, و سدر فاضي, بالاضافة الى البطيخة التي أحضرها, قامت الزوجة على عجل يتبعها طفلها الرضيع و أحضرت له ما طلب.

التف الجميع حول رب الأسرة و مصدر رزقها الوحيد ليشاهدوا منظر ذبح البطيخة, أمسك أبو سلامة السكين و سمى بالله وغرزها داخل البطيخة, ليخرجها من الجهة المقابلة
كان سلامة أول من لاحظ أنها ليست شديدة الاحمرار, بل هي أقرب الى البياض فصاح قائلا: هاي قرعة, لم يفاجأ الأطفال الآخرون فلم يكن لونها ذا أهمية تذكر بالنسبة لهم, فهي لم تزل بطيخة, أم سلامة لم تتفوه بكلمة واحد, أما أبو سلامة فقد تمتم بكلمات لا تكاد تكون مسموعة معزيا نفسه:
" مليح اللي هي مش سودة"

Sunday, February 17, 2008

سواليف حصيدة- هاتلك قدداحة

سواليف حصيدة-هاتلك قداحة
كنا في الصف العاشر اول ما تعلمنا الدخان بشكل رسمي, و كنا ندخن في العاده في حمام المدرسة اللي جمب الصف على طول, و نظرا لانه صفنا كان في نفس طابق الادارة, كانت ريحة الحمام تطلع في الفرصة زي ريحة كونتينتال الجيش, و كان الدخان يطلع من الحمام زي دخان الطابون
و بناء على ذلك قررت ادارة المدرسة ملاحقة كل المدخنين باجراء كبسات تفقدية على الصفوف بشكل شبه يومي, و بالرغم انه اكثر من ثلثين صفنا كانوا يدخنوا, ما بتذكلا انه عمره انمسك بكيت دخان مع اي شب, و السبب بسيط, كان صفنا آخر صف في الطابق, و كنا نسمع صوت المدير و المساعد بس لما يعملوا كبسة ع الصف اللي جمبنا و نحضر حالنا قبل ما يدخل
في هذه الاثناء كانت الشباب تقوم بوضع خطة لاحباط محاولات المدير و مساعده الفاشلة في الكشف و القبض على عصابة المدخنين, و الحلول كانت بسيطة فوق التصور, كانت الباكيتات كلها تنحط في كيس و تنرمى في الزبالة, او تتدلى من شباك الصف المطل على ساحه المدرسة, و في مرة من المرات كانت كمية الباكيتات قليله, ثلاثة او اربعه, و تم وضعها في شنتة الاستاذ السامسونايت اللي بتركها ع طاولته و بقوم يكتب عاللوح
كان في شب في الصف اسمه وائل, ووائل كان اكبر منا بسنتين, يعني بيجي عمره 18 و احنا لسه شغل 15 و 16, و كان معاه رخصة سواقة, الشب كان نهفة من الاخر, كان ساكن بعيد شوي عن المدرسة بس كان ييجي بسيارة ابوه الساعه 6 و نص الصبح, يشحط و يفحط و يعمل خمسات و ستات و سبعات ع باب المدرسة للساعه 7 و نص و بعدين يرجع ع دارهم عشان ابوه يروح ع شغله بالسيارة و يوصل وائل عالمدرسة
كان صوت وائل خشن جدا, و طريقة لفظه للحروف كانت مضحكة جدا, كان يشد على الحروف بشكل مبالغ فيه, خصوصا الدال و الحاء, و كان دايمن معاه بكيت دخان بدون قداحة, و تعود انه يطلب مني قداحة, بجملته المشهورة :"أبو عيسسسسا....هاتتلاك قدداحححة", و كنت افرط ضحك عليه و بتذكر مرة اهديته قداحتي بعد ما خلص غازها و تعاجزت اعبيها و اشتريت وحده جديدة ببريزة
وائل كان يقعد جمبي في حصص الدين, لانه الشب اللي جمبي كان مسيحي و يطلع من الحصة, و ييجي وائل يرمي الكتب و يقعد...اول خمس دقايق تمشي ع خير, بعدين تبلش الامور مع وائل, و ترتفع ساعه ضوجانه, و يصير يتحركش فيي, في البداية بنقزني و بقول:"أبو عيسسسسا,,,جاي ع بالك سيجججارة" انا احكيله اه لاني بعرف لو حكيتله لأ مش راح اخلص منه, ف يطول سيجارة من بكيته و يرميلي اياها عالطاولة و الاستاذ بكتب عاللوح, انا كنت انعجق بالسيجارة لانه لو لف الاستاذ في اي لحظة راح يلقطها, ف اخبيها في جيبتي او في اي مكان, يرجع وائل يرميلي وحده ثانية و انا اخبي, و بتذكر مرة نمت عالسيجارة زي حارس مرمى الرمثا نص ساعه لحد ما الاستاذ دار وجهه عني و قدرت اسلكها في البكيت, تخلص حصة الدين و كل سجاير وائل معي
حارس المدرسة كان ايضا متواطئ في عملية تهريب الدخان, و كانوا بعض الشباب الواصلين و اللي كنا نعتبرهم زعماء الصفوف يتركوا باكيتاتهم معاه و كل ما بدهم يدخنوا يروحوا يوخذوا منه, وائل كان مسمي الحارس:"أبو خشم" لانه خشمه طويل ووهر
كان في كبسات عالحمام من مساعد المدير كمان, بس المساعد كان معاه عصاي اذا بدي احكي بالضبط شو هي راح الكل يستغرب, بس العصاي كانت بالضبط هي نفسها القطة البلاستيك اللي بركبوها على بوز القلابات زي الشوارب و تستخدم عشان يقيس شوفير القلاب اذا الشارع بوسع للصندوق او لأ, اللي ما بعرفها يركز ع اول قلاب بشوفه اذا في اله شوارب او لأ. المهم كانت التسعيرة معروفة, السيجارة بخمس عصي, بالاضافه الى مصادرة الباكيت, عشان هيك كانت الشباب تتناوب في حراسة باب الحمام حسب نظام الشفتات
خلصنا مدرسة و الله اعلم كيف نجحنا, و رحنا جامعه و انقطع الاتصال مع وائل, بس ضلت سولافه هاتلك قداحة معاي و صارت كلمة سر بيني و بين الشباب اللي دخلت الجامعه من نفس مدرستنا, و ضليت انا ارددها بشكل كبير, لحد ما صارت جزء من مصطلحاتي الديونجية بالاضافه الى مصطلح :"اربش" اللي ما بعرف معناه ولا حتى اله معنى و لكنه يستعمل لجلب الانتباه فقط, و امتد المصطلح ليشمل كل اصدقائي في الجامعه حتى الشباب اللي تعرفت عليهم بعد التخرج صارت كلمة السر عنا هاتلك قداحة
من يومين بس وديت لشب صديقي في الاردن مسج, ما كان يعرف تلفوني, بس وديتله كلمتين عرف مين انا على طول, الكلمتين كانوا: هاتلك قداحة
ماذا حدث لشخصيات القصة:
المدير: تقاعد و خرفن و كنت اشوفه بالصلاه و بطل يعرفني في الاخر
المساعد: ابنه رسب توجيهي و بطلنا نشوفه من يومها
استاذ الدين: تجوز و رزق بولود ذكر سماه ع اسم ابوه, فايق
وائل: آخر مرة سمعت اخباره حكولي انه بوزع بضاعه ع باص كيا...يمكن بوزع قددداحححات

سواليف حصيدة - تعزيل

بتذكر لما كنا ولاد زغار كان في عنا قعدة فراش عربي في غرفة المعيشه, كان عاملها ابوي تفصيل جمبيات و مساند و مخدات ساتان من النوع الدارج الموجود في اي بيت بالوان احمر و اخضر و ازرق, و في النص طاولة مدورة من نفس اللون, و عليها منقل نحاس و محماسة قهوة و اربع دلات من الحجم الكبير, المحماسة كانت لجدي و كان ابوي مرات ييجي ع باله يحمص عليها قهوة في ايام العطل, و كنا نفيق ع الريحةو كل اخواني الكبار كانوا بدهم يشربوا قهوة الا انا كنت افيق جعان مش عارف ليش
المهم, ظلت امي مشغولة بالغرفة, و ظلت تغير مكانها و تقلبها يمين شمال و مرة كانت تحطها في الاوضة الكبيرة , و مرة كانت تنقلها في اوضة ثانية, و مرة تحط فيها تلفزيون و مرة تشيله و مرة تغير مكان الجمبية الكبيرة و مرة تغير وجه المخدات و مرة تحطلها كنباي موريس عشان الضيف اللي بيجي و مش حابب يشلح من رجله يقعد عليها, او عشان يلبس عليها ابوي برجله قبل ما يسافر
تقريبا كل شهر كنا نغير ديكور الغرفه, و مرات كانت تدخل تعديلات جديده عالغرفه, بتذكر كان في سجادة كبيرة عليها صورة زلمة لابس شماغ ابيض و مرته وولد زغير قاعدين ع ركبهم و لافين وجههم على مدينة القدس الشريفه, و كان ابوي يظل يحكيلي هاظ انت و هاظ انا و هاي امك, و كان في وحده ثانيه عليها صورة سيدنا المسيح و ستنا مريم و معاهم عنزة بيضا, برضو كانت امي محتاره فيهم و تظلها تشقلب بمحلاتهم مرة تعلقهم و مرة تضبهم في مطوى الفرشات الخشب
كان يوم التعزيل او تغيير مكان العفش يوم رائع بالنسبه الى و لاخواني اللي من جيلي, لانه فرصه لا تعوض عشان نتشقلب و ننطنط ع الفرشات مثل ما بدنا, لانه في الوضع الطبيعي كنا ممنوعين ننطنط و نرمي المخدات ع بعض, خصوصا في وجود ابوي, كان لازم نقعد محترمين و ما نشاغب, و اللي بشاغب يا ويله من امي, اذا ما مسكته في وقتها بتلقطه بالحمام و هو بتحمم و بتسلخ جلده ببربيش الغسالة
المشكله انه انا و اختى ما كان ييجينا الضحك غير على موعد الاخبار, و نصير نعيط من الضحك, و بس يلف علينا ابوي وجهه نسكت او نمسك حالنا, لحد ما تقبع معاه و يزهق و يتناولنا باي اشي في ايده, صحن, كيلة مي حديد, قطف عنب, سكينه فواكه,او يعمل حاله وقف و بده يلحقنا و احنا نعطيها فليله
في يوم التعزيل كنا نتشقلب على فرشات الصوف و ننط على المساند و لانها طويله نعملها زي الحصان و ننط عليها و ما كنا نساعد بشلن, كان كل التعزيل على امي و اخواني الكبار اللي يتهربوا منها و يصيروا يتدلعوا, اما خالتي اللي كانت مقيمه عنا بشكل دائم قبل ما تتجوز كانت دايم مشرفه من بعيد لبعيد, و دايمن ع راس لسانها: خيتاه ليش غيرتي الغرفة؟ اول احلى"
ابوي ما كان يلاحظ كثير انه صار فيه تغيير نظرا لانه مسافر بشكل دائم, بس كان دايمن يلاحظ انه في غرض من الغراض ناقص, مثلا نكون قاعدين, يحكي ولكوا مش كان التلفزيون عالجهة الثانية؟ او ولكوا وين صورة جدكوا؟ و كان دايمن يسال عالفيديو..ولكوا جبتلكوا فيديو و حملته ع ظهري من اخر الدنيا, حطولنا فلم كاوبوي, و كان دايمن الفيديو مخبي عند امي خوف لا يستخدموه اخواني الكبار لاغراض غير اخلاقية
اليوم كان عندي تعزيل, بعد بكرة راح يزوروني ابوي و امي من الاردن عشان يعيدوا عندي, رحت مبارح ع الشارقه و اشتريت تخت جديد ووصل اليوم الصبح, و بلشت اعزل عشان تصير الشقه مناسبة لاستقبال الحج و الحجة
مرة حطيت التخت عاليمين و مرة عالشمال, و مرة قربت التختين ع بعض بعدين بعدتهم, بعدين فضيت خزانه اواعي و نقلت مكان المكتب و الكمبيوتر و بعدين رجعتهم محلهم و كل شوي اسمع صوت خالتي في الاثير بحكيلي ولك ليش غيرتهم اول احسن, حاولت قدر المكان ازبط الشقه لانه جايين اهلي
اشتريت لابوي عدة حلاقة و علبة اولد سبايس ووزرة بنية عشان يلبسها, عشان اعيد ذكريات ريحته و شكله اللي عمرهم ما فارقوني, و اشتريت لامي عباة للعيد عشان تعيد فيها, السنه عيدهم عندي و عيدي بشوفتهم
بعد بكرة اهلي جايين, الله يحيينا و نشوفهم بصحة و خير و سلامة, بعد بكرة طالعين عشاني, عشان يتطمنوا علي و يشوفوا ابنهم اللي كان ينطنط على المخدات و المساند, عشان يتطمنوا ع تربايتهم و يشوفوا بربيش الغسالة اذا بعمل زلام و لا بعمل ولاد, اكيد اشتاقولي زي ما انا اشتقتلهم, و لما حكيتلهم بدي انزل عالعيد ما رضيوا, قالولي احنا بنيجي بلاش تتعطل في شغلك
بعد بكرة جايين, الله يجيبك يا بكرة عشان ييجي اللي بعدك و اشوفهم, بدي ارجع انطنط ع المخدات و المساند, و بدي ارجع انام عندهم في نفس الغرفه و اشم ريحتك يابا و ابوسك من لحيتك و العب بشعرات صدرك زي ما كنت اعمل و انا ولد زغير, وتتناولني بزبدية المي ع نص راسي و اقعد ساعه اضحك عالاخبار, بدي اعيش حلم جميل لمدة عشر ايام, الله يوصلهم سالمين, و الله يجيبك يا عيد عشان نعيد بشوفة الحبايب




سواليف حصيدة - طبيخ

بتذكر يوم من الايام رميت لامي طنجرة مقلوبة باللي فيها بالزبالة, كنت مروح من الشغل و موصيها تعملي مقلوبة بيتنجان و بالغلط عملت مقلوبة زهرة, و انا ما باكل زهرة ف عصب ابو الفضل و مسك الطنجرة و ع سطل الزبالة بلا تردد او هوادة
طبعن الحجة زعلت و صارت تعيط و شكت عني لابوي اللي اكتفى بالقول: اللي بتكبر ع نعمة ربه بنحرم منها, بعد تفكير عميق و جوع رحت عملت سندويشة زعتر و طلعت ع محل ادوات منزلية و اشتريت لامي هدية
الهدية كانت لوحة كبيرة للحيط مكتوب عليها يا رضا الله و رضا الوالدين, و عليها آية " و أما بنعمة ربك فحدث". و صالحت الحجة و مشيت الامور و عمري ما عدتها.
فعلا كنت مدلع عند امي, و كانت مدلعيتني من الاخير, الله يذكرك بالخير يما, و يمد بعمرك و يباركلك وين ما لفيتي وجهك, كانت تسألني الصبح كل يوم شو بتحب أطبخلك اليوم؟ و انا كان جوابي ع راس لساني: منسف او مقلوبة. و كنت أتصل فيها كل يوم و انا مروح من الشغل و انا بسوق ع شارع الاردن, بعد ما اتعدي الدورية اضرب عليها و اسألها اذا بدها اشي من مستلزمات الطبيخ, و كانت دايمن توصيني ع لبن و خبز
ايام العطلة كانت دايمن تطبخلي منسف, ابتداء من يوم الخميس, و الجمعه, و السبت, و كنت اسألها: جديد و لا تسخين من مبارح؟ كانت تحكيلي: اللبن من مبارح و الرز و اللحمة جديدة, كنت اغوص في الاكل في هاليومين و كنت احس وزني بيزيد لما ارجع عالدوام يوم الاحد
مرات لما كنت أفكحها بدري قبل الاربعه من الشغل, او لما ارجع عالبيت و امي كاينة طالعه و متأخرة بالطبيخ,كنت اصبر نفسي بسندويشة, طبعن كنت آكل زعتر, ما بعرف شو الصلة الوثيقة بيني و بين الزعتر, بس من لما كنت زغير و انا بموت عالزعتر,المهم, كنت افوت عالمطبخ و امي بلشانه بالطبيخ و افتح الخزانة او النملية, و اصير اغمس زعتر و زيت من الخزانه, امي تنجن و تحكيلي: ولك وسختلي الخزانة بالزيت, طلع الصحون برة الخزانة و كل زي ما بدك , و انا كنت اتعاجز اطلعهم, و حاولت معي كل الطرق, آخر شي طلعت الزيت و الزعتر و صارت تحطهم عالطاولة دايمن عشان ما اوسخلها الخزانة
يوم الجمعه كان اله نكهة خاصة, كنت اصحى الصبح زي المفجوع, و اطلع اجيب حمص و فول و فلافل, تصير الساعه عشرة و انا عند الكلحة بستنى الدور, اخد الحمص و ارجع اجيب خبز طابون, و اتصل مع امي و انا ع باب المخبز احكيلها اعملوا شاي هيني وصلت, كنا نفطر حتى التخمة, لدرجة اني احكيلها فش داعي تطبخي اليوم, تضحك و تحكيلي هسه بنشوفك كيف راح ترتمي من الجوع بعد الصلاة, و فعلا اروح عالصلاة ارجع مستوي جوع, تحطلنا امي المنسف و آكل و انام.
المسا كانت اختي اللي ساكنة فوقنا تطبخ لثاني يوم لانها بتشتغل هي و جوزها, و انا كنت اكبس عليها لما تخلص, و كانت تحطلي اتغدى مرة ثانية, الله يجبر بخاطرك يا ام عون و يرزقك من فضله الرزق الحلال, و كنت اعمل حالي مستحي و باكل تحت الاجبار.
خلاصة السولافة اني كنت مقضيها طبيخ ب طبيخ, اما الآن قاعد بكتب سولافة الحصيدة و طنجرة الطبيخ عالغاز, صرت اطبخ لحالي, و لحالي صرت اطبخ, صرفت مكالمات لقلت بكرة العيد و انا بتصل في امي اسألها لما تعملي منسف كيف ما بفرط معك اللبن؟ و ليش رز المقلوبة بطلع معي مخبص؟ و كيف بتعملي البشاميل جاعبالي معكرونة؟ و كيف الواحد بحفر كوسا بدون ما تنخزق معه؟ وورق الدوالي بتسلقيه قبل ما تلفيه ولا بتلفيه على طول؟
اليوم طبخت كوسا محشي و هيها عالنار, اول ما وصلت حشيتها و انا لسه باواعي الشغل, و حطيتها عالغاز و اجيت أضيع وقت لحد ما تخلص...وينك يما ووين سطل الزعتر و صحن الزيت و المنسف و الجميد....اللي اله جيه هوون يحكيلي بدي اوصيه ع كيلو زعتر.


سواليف حصيدة - و من هالسواليف

و من هالسواليف
ظلوا الفلاحين زمان يطلعوا عالحصيدة من الفجر و يرجعوا مع المغرب, يشتغلوا طول النهار و ما يبطلوا عن الشغل غير لصلاة الظهر و العصر و المقسوم. و المقسوم هو الاكل اللي ظلت تجيبلهم اياه المرة أو وحدة من البنات بعد صلاة الظهر بشوي. و في العادة بوصل المقسوم زي "كمبوي" الشاحنات, يعني البنات لما يطلعوا من البيت بستنوا بعض و بتلاقيهم جابوا الغدا للحصادين مع بعض. و بتلاقي هالفلاحين نزلوا ببعض عزايم, تفضل عالمقسوم و افلح يا ابو فلان و من هالدار, و الله محسوب حسابك.
المهم, نظرا لانه الشبيبه طول نهارها تشتغل مرة في الفي و ألف مرة تحت الشمس كانوا بحاجة الى نوع من انواع التسلية عشان يقطعوا النهار, و اسهل تسلية ممكن يعملوها هي السواليف
سواليف الحصيدة هي السواليف اللي ما الها اي هدف, سواليف بهدف السواليف فقط, زي اللي بحكي مع صاحبته من تلفون الشغل, و السكرتيرة قاعده بتتصنت, و المدير راخي ذانه عالخط, و هو عارف انه الشبيبه سامعيته بس مش فارقه معاه, لو مريت من جمبه بتسمعه بحكيلها: كيف حالك؟... ارجعله بعد ساعه بتلاقيه بحكيلها: و انتي كيف حالك؟... ارجعله آخر الدوام بتلاقيه بسألها المهم انتي كيف أخبارك؟.. و كل يوم على هالرشة
نرجع لسواليف حصيدتنا..الموضوع الأساسي اللي كانت تتناوله هالسواليف هي النميمة على العباد... شفت ابو فلان كيف ساوى؟ و شفت أم فلان كيف عملت؟ و محمد الفلاح اشترى بكم جديد.. و تفاحة مرت أبو العبد كنة فتحية أم سليمان اشترت كمبايات جديدة و بتدور لابنها مصطفى على عروس ثانية لانه مرته مشكلجية و قليلة أصل ,و مصطفى نفسه طرية ساق فيها انه بحب امه و بده يتجوز عشانها, أما جميلة مرت مصطفى بتنكر كل شي بتقوله عنها حماتهاو خصوصا لما تقول عنها انها وقحة و عديمة ترباي.. و مستعدة تحكيلها كذابة بوجهها و قدام كل الحارة... أما عبد الفتاح العسكري طلع بحب فاطمة بنت أبو حسين و قصة حبهم عرفت فيها كل الحارة و طلعت ريحتها و عرف عنها كل الناس ما عدا أبو حسين وولاده, عشان هيك حكت أم حسين لفاطمة انها تكذب كذبة بيضا على عبد الفتاح عشان تروزه و تشوف مياته اذا بده اياها و لا لأ و تقوله انه تقدملها سعد ابن صاحب بابور الطحين على اعتبار انه أبوه أغنى واحد في الحارة و ألف بنت بتتمناه و من هالسواليف
سواليف لأجل السواليف مثل الملوخية لا بتنفع و لا بتضر,يعني بالعربي: طق حنك و علاك مصدي, فش عليها رباط و ما بتوخذ منها كلمة جد. زي كلام الجرايد و البيانات النتخابية, بيسموا الفقرا و المشحرين أصحاب الدخل المحدود, و اللي عايف التنكة بقولوا عنه عايش تحت خط الفقر. و رفع الاسعار بسموه التعويم....و من هالسواليف
هالايام اختلفت سواليف الحصيدة بطريقتها بس ظل مفهومها واحد, شادي جاب تلفون همر, و فادي بدور على عروس عالانترنت, و كوكو مصاحبة أربع شباب, و لولو عملت عملية نفخ شفايف بس ما زبطت, و صاروا براطمها مثل عجل روفر الجيش المبنشر, و فاطمة صارت تبعث مسجات حب لعبد الفتاح اللي تقاعد من الجيش, و أم مصطفى بتدور على عروس ثالثه لابنها مصطفى, بس المرة هاي بدها اياها جامعيه و معاها دورة كمبيوتر...و لسه جميلة بتتهاوش مع حماتها و سعد ابن صاحب البابور باع الأرض و الدكانة و حط مصرياته في الأسهم و من هالسواليف
كلها سواليف بسواليف بسواليف و من هالسواليف اللي لا بتقدم و لا بتأخر و لا بتودي و لا بتجيب...سواليف بتسمعها في الراديو و الأخبار و عالتلفزيونات و في الندوات و الجامعات و المحاضرات..حياتنا كلها صارت سواليف حصيدة و صرنا نستنى أذان المغرب عشان نخلص سواليف و نرجع على بيوتنا و ما نعملش اشي و نسولف للناس ثاني يوم انه مبارح ما عملناش اشي....و من هالسواليف
حط راسك بين الروس و قول يا قطاع الروس بدي اسولف سواليف حصيدة كيف ما بدي و سعري بسعر غيري,الحصيدة حصيدتي و السواليف سواليفي, و لا بدي جميلة حدا, و برضو عشان أتسلى, و بتظل أحسن من القعدة, ما هي سواليف حصيدة... مثل الملوخية و مثل مسجات الحب اللي بعثتها فاطمة لعبد الفتاح.. و مثل جميلة مرت مصطفى... و مثل أسهم سعد ابن صاحب بابور الطحين.... كلها سواليف حصيدة... و من هالسواليف.






Friday, November 16, 2007

تفكير ايجابي


لا أتوقع أن أحدا يستطيع التغلب علي في مسألة التفكير الايجابي, أو كما يطلق عليه في شاشات التلفاز و الندوات و المحاضرات بمصطلح "بوزيتف ثنكنج", مع العلم بان تلك المحاضرات لم تكن لتنجح لولا وجبات الغذاء الفاخرة التي تتخللها.
بدأ مشواري مع "البوزتف ثنكنج" منذ ايام الطفولة, و بالرغم من انه كان "بوزتف ثنكنج" من نوع آخر يقترب في مفهومه من الاهمال, الا انه في النهاية نوع من انواعه, ذلك اني كنت و ما زلت اصغر افراد العائلة, أو الابن المدلل بفهم آخر, و نتيجة لذلك لم اكن اهتم بالاشياء التي افقدها او أخربها. و مثال ذلك اني لم احافظ على دراجتي الهوائية الاولي اقتناعا مني بان والدي سيحضر لي واحدة اخرى اجمل و اكبر من سابقتها, و كذلك الامر بالنسبة الى "طابات الأديداس و الأوفيشال, و مضارب التنس و الكرة الطائرة, و الأحذية الرياضية التي لها قصة طويلة, فقد كنت اعطل فرامل كل دراجاتي الهوائية حال استلامي لها, و أفرمل بواسطة احدي رجلي او كلتيهما, مما دفع والدتي الى الشكوى لابي الذي اجابها بان تلك ليست مشكلة و يضيف قائلا: " بدي أعمله بوت حديد عشان ما يهريه هالافكح" أو " بكرة لما يصير يدفع حقهم من جيبته بصير يدير باله عليهم"
تجلت لدي فكرة "البوزتف ثنكنج" في امتحانات الثانوية العامة, و خصوصا في امتحان الفيزياء, ففي قاعة الامتحان لم أجد ما يشغلني اكثر من التفكير بحال رسوبي اذا ما حدث فانني سارتاح من المدرسة و الحصص, و سافتح كراجا و سأدخن على راحتي دون أن تقوم ادارة المدرسة بانذاري أو استداعاء ولي امري, الذي لم يكن ليذهب اصلا بسبب انشغاله و سفره الدائم, اما امي فقد كانت تعلم بامر تدخيني و لم تكن لتخبر ابي خوفا من ان يقوم "بقص رقبتي" أو "سلخ فروة رأسي" و كنت افكر بطريقة "البوزتف ثنكنج" فيما يتعلق بتلك المشكلة, فاذا ما قرر والدي ان يضربني ساهرب و لن يلحق بي, ثم سيسافر مرة اخرى و سينسى قبل ان يعود ثانية.
في نفس الوقت كنت طالبا مجدا في المدرسة, لا اقول بانني كنت الأول في صفي, و لكني كنت من الأوائل, و كان لدي قدرة استيعابية كبيرة و خط جميل و كنت اهتم حقا في "دفتر التعبير" حيث لم تكن حصة التعبير حصة عادية بالنسبة لي, بل كانت فرصة لاظفر بحب اساتذة اللغة العربية و كسب بعض السجائر من بعض الطلاب الذين كنت اكتب لهم مواضيع التعبير قبل نهاية الحصة, برغم علم المدرس الذي كان "يغطرش على الموضوع" في الكثير من الاحيان لحبه الشديد لما اكتب, و في احيان اخرى كان يسمح لي باعطائهم الافكار و يمنعني من كتابتها لهم, و في ذلك يتجلى مفهوم "البوزتف ثنكنج"في ارقى صوره
كانت و لم تزل الحلويات هي الغذاء الروحي و الاساسي لتفكيري الايجابي و الذي اعتبره حالة نادرة, و مثال ذلك انني تناولت اكثر من "طبقين هريسة" بعد رجوعي الى المنزل من امتحان الفيزياء, و الامثلة المشابهة كثيرة, فلا استطيع السيطرة على نفسي بشكل عام و اسناني بشكل خاص عند ممارسة طقوس "البوزتف ثنكنج"
في هذا اليوم كنت بحاجة الى :البوزتف ثنكنج" فقد رسبت في امتحان القيادة للمرة الثانية, قد تختلف المعادلة الآن باختلاف المكان, فلو انني ما زلت في بلادي لفكرت بان والدي سيستغل نفوذه و سيتصل باحدهم مخاطبا اياه بجملته المعهودة: " لما كنت تلعب بالحارة كان على كتفي خمسين نجمة", و ستحضر رخصة قيادتي الى باب المنزل, أو الى أقرب "دكانة", اما هنا فلا املك اكثر من المرور باقرب محل تجاري و شراء كميات هائلة من الحلويات و الرجوع الى المنزل سريعا للانقضاض عليها و التهامها.
يبدو انني قد فهمت "البوزتف ثنكنج" بطريقة خاطئة, قد أكون بحاجة الى حضور بعض الندوات لاتعلم المعنى الحقيقي "للبوزتف ثنكنج" و اتناول طعام الغذاء مع اصحاب التفكير الايجابي الفذ , و محترفي "البوزتف ثنكنج"0

Wednesday, September 26, 2007

خسة

كثيرا ما يخترع الشباب "الشبيحة" في مرحلة المراهقة مصطلحات أو ألقاب يطلقونها على صديقاتهم الفتيات لوصفهم بشكل كامل و دقيق. و كثيرا ما ترتبط هذه الألقاب بالأشياء الملموسة و المحسوسة و "المأكولة" في عالم الشاب و بيئته. و مما يجدر ذكره أن لكل جيل مصطلحاته الخاصة والتي تختلف عن الجيل الذي سبقه أو الذي يليه.
احتلت الطيور مركزا متقدما بين تلك الألقاب عند الكثير من الشباب, فمصطلح "وزة" أو "بطة" يصف الفتاة الجميلة ذات الجسم الممتلئ, أما مصطلح "حمامة" فهو يصف الفتاة النحيلة ذات البشرة البيضاء و الطول الفارع.
و جاءت الخضروات في المرتبة الثانية حيث ظهر مصطلح "جزرة" ليصف الفتاة المكتنزة غير السمينة, و مصطلح "فلفلة" ليصف الفتاة اللعوب دائمة الحركة و النشاط, أما مصطلح "خسة" فهو أكثر المصطلحات قربا الى قلبي و لو كنت أملك قرارا لرشحت الشاب الذي اخترعه للحصول على جائزة نوبل في " الدواوين"
يصف مصطلح "خسة" فئة خاصة من الفتيات من عمر أربعة عشر عاما الي عمر ثمانية عشر عاما, و هو السن الذي تدخل فيه الفتاة مرحلة الدراسة الثانوية و تقوم فيه بتبديل لباسها المدرسي أو "المريول" الأزرق التي اعتادت على ارتداءه في المرحلة الاعدادية بمريول أخضر فاتح يشبه في لونه أوراق نبات الخس من حيث نضارته و جماله.
أذكر أنني اعتدت الوقوف مع الجموع الغفيرة من الشباب بعد انتهاء الحصة السابعة على باب مدرسة الفتيات الملاصقة لمدرستي, ثم نبدأ بتوزيع الغمزات و التعليقات و الابتسامات للكميات الهائلة من "الخسات" التي تتدفق و بشكل مستمر من باب المدرسة كأنك تقف وسط صحن من "السلطة". و كمثال للتعليقات "الديونجية" عبارة "امشي ع رمشي" و "يلعن عمري" أو التمتمة بعبارات غير مفهومة تفيد "انعطاب" أحد الشباب على تلك "الخسة". و لم نكن نكتفي بذلك فهناك طرق خاصة للفت انتباه "الخسات" منها تسريحة الشعر الغريبة أو اللحية و الشارب الخفيفان اللذان يميزان الشاب عن أقرانه من الآخرين الذين لم ينمو لهم الشعر بعد, ناهيك عن "كالونيا فريسكال" التي يضعها الشاب بالسر من زجاجة والده خوفا من ان يكسرها فوق راسه , وسعيد الحظ من كان والده او أخاه يمتلك نظارة "ريبان" فيستعيرها دون علم صاحبها "ليعرط" بها امام الفتيات فتغطي نصف وجهه و يتعثر برجليه حتى أثناء وقوفه.
أذكر أيضا أنني تعلمت التدخين على باب تلك المدرسة و ذلك لاثارة اعجاب احداهن و لكنها كانت صعبة المراس كمثيلاتها من الشقراوات طويلات القامة و لم تلتفت الى الجهة التي أقف بها, فما كان مني الا أن حفظت ماء وجهي و استمريت على عادة التدخين محاولا نسيان ما فعلته بي تلك الفرس الصهباء العنيدة.
كانت تلك أوقات الصيد, حيث يرمي الشاب بطعمه لتلتقطه احدى "الخسات" طامعا في أن توافق بعد عدة محاولات على ان تسمح له بالسير معها و "توصيلها" الى أقرب نقطة من منزلها دون ان يراه أخاها أو أباها. و قد تتطور العلاقة فيما بينهما ليجلس معها عدة دقائق على سور احدى العمارات التي تبعد عن منزلها مسافة أربع "حارات" أخرى على الأقل.
و لا يكاد يخلو اي صف ثانوي من "خسة" مميزة سلبت عقول جميع الشباب و باتوا يحلمون بالتحدث اليها او لفت انتباهها على الأقل و قد تخرج الأمور عن السيطرة لتصبح تلك الفتاة محور حديث جميع الشباب و سرد القصص المختلفة عنها من البعض عملا بمبدأ " اللي ما يطول العنب حامض عنه يقول" الى ان يأتي أخوها "التوجيهي" ليبحث عن الشاب الذي شغل نفسه بنشر الاشاعات المغرضة عنها, عندها, ينكر الجميع معرفته لاسمها هربا من "البهدلة عالفاضي" و "قلة القيمة" الحتمية.
كم احن الى فترة "الخسات" من عمري, بل أعترف أنني استأذنت مبكرا في أحد الأيام و أنا في سنتي الجامعية الأولى كي لا أفوت "فكة مدرسة البنات" لأفاجأ بوجود بعض الشباب من الجامعة "يقزدرون" على باب المدرسة, و عند رؤيتهم لي تذرعت بأنني أسكن بالقرب من تلك المنطقة و حاولت دعوتهم الى الغذاء للتأكيد على ذلك.
في وقت كبرت فيه على "الخسات" لا أملك الا ان ارسل اليهن سلاما معطرا "بكالونيا فريسكال" ذات نكهة الياسمين و أتوقف قليلا لأشعل سيجارة أخرى دخنتها لأول مرة على باب احدى "الثانويات"