كانت ليلة باردة جدا من ليالي شهر ديسمبر, اندسست تحت غطائي في ساعة متأخرة من الليل و أنا أشعر بتعب شديد, كانت قدماي ما زالتا كمكعب ثلجي يأبي أن ينصهر برغم محاولاتي اليائسة طلبا للدفء, حتى تعبت من فركهما ببعض متيقنا بأنه لا جدوى من ذلك, في تلك اللحظة بالذات صدح تفكيري بالغناء و وجدته يدمدم أغنيه لأم كلثوم << الليل علي طال.. بين السهر و النوم>>, آه لم أسمع هذه الأغنية منذ زمن طويل, ترى ما الذي دفعني إلى استذكارها في هذه الساعة المتأخرة من هذه الليلة الباردة؟ لا أعتقد باني سأجد الإجابة الشافية لهذا السؤال, سيظل يؤرقني كما أرقتني غيره من الأسئلة التافهة التي تخطر في بالي كلما وضعت رأسي على مخدتي طالبا النوم.
يجب أن أنام, يجب أن أستيقظ باكرا في الصباح فلدي الكثير من العمل لأقوم به, لا بد من أن أستيقظ فأنا شخص مشغول جدا أكاد لا أجد وقتا كافيا لأقوم بجميع الأعمال الموكولة إلي, استطردت في تفكيري و أنا ما زلت تحت غطائي الذي بدأ يشعرني بشيء من الدفء, عدت إلى تحريك قدمي رغم عملي بأنه لا فائدة.
<< و الليالي تمر بي.. بين أماني و بين ظنون>>, كان هذا المقطع التالي من نفس الأغنية الذي جعلني أفتح عين واحدة و أنظر حولي باحثا عن جهاز الراديو ظنا مني انه لم يزل مضاء, رفعت الغطاء عن رأسي فلم أر شيئا غير الضوء الأحمر, كان ضوءا باهتا مشبعا بنوع من أنواع الهدوء و السكينة, لم أكن متفاجئاً بوجود هذا الضوء الذي قد يكون مخيفا في بعض الأحيان فقد تعودت عليه منذ صغري.
في تلك اللحظة أحسست بأني قد وجدت ضالتي التي كنت أبحث عنها منذ زمن بعيد, وجدت الإجابة عن جميع الأسئلة التي باتت تؤرقني مؤخرا و تمنعني من النوم حتى أنني لم أعد أهتم بإجابتها بقدر اهتمامي بمعرفة مصدرها
يا ضوئي الأحمر.. يا أنيسي في وحدتي و يا دفئي في الليالي الموحشة, ابق معي حتى الصباح لتجيب عن أسئلتي الكثيرة و المتعددة, ابق معي كي لا تدع في نفسي مجالا للشك بأنني قد فقدت عقلي أو قدمي الباردتان.
أغمضت جفوني مرة أخرى مدركا بأنني سأنام الآن, فلم يعد لدي أعذار أخرى و يجب أن أستيقظ باكرا, فأنا بحاجة الى الراحة, و لكن هيهات فقد صاح الديك و أقبل الصباح حاملا أسئلة جديدة سأظل أسأل نفسي عنها كلما وضعت رأسي لأنام, و لن أجد جوابا لها الا في ضوء نوّاستي الأحمر, حينها قررت الكتابة برغم انشغالي وعدت إلى تحريك قدمي رغم علمي بأنه لا فائدة
No comments:
Post a Comment